كنت جالسا في غرفتي الهادئة...الشبه مضاءة، والنعاس في عيوني محقون. أخذت أراقب السرير و جسدي يشتهي الفراش الحنون، لكني لا أريد النوم فانا أعشق الجلوس في هدوء الليل أعشق الجلوس في السكون. و في لحظة هب هواء كالمجنون... ضرب نافذتي، فتحها على مصراعيها و حطم جناحيها، راح يتراقص في غرفتي، يلعب في أوراقي و يتغلغل في خصائل شعري، في أظافري، في مساماتي، يخترق جفوني و يهدد كياني و سكوني. و من تلك النافذة المغتصبة المخلوعة الأحلام، دخلت يد شبه شفافة، يد سوداء زرقاء و فضية ، يد شبه إنسانية و نصف شيطانية. أتت لتتدخل في حياة "انسان" -يدعى انسان لانه مازال يعيش في عصر الجاهلية- يعيش في ليل دائم الهدوء مسالم، بهدوئه يكشف أسرار ما وضعت لتكشف، كاسرار قرع الطبول و المدافع و قرع الأجراس، أسرار قصر الأيادي و المشاعر و قصر الحواس، أسرار عن ناس من أجناس... لم يمنعهم شيء من خيانة هذه الأجناس. و دارت عاصفة هوجاء في الغرفة البريئة، مناقشات و مشادات جريئة، و معارك بيني و بين من يريد القضاء على كوني "انسان"، على حياتي هذه على صندوق الأحزان. دفاتري و أقلامي... أحلامي الجميلة و حتى أوهامي... و أنا... و بصعوبة كبيرة طردنا تلك اليد الماكرة... الفاجرة، و بسرعة أحكمت إغلاق النافذة المتهترة، و عدت من جديد إلى السكون... إلى قمة هدوئي في قمة الجنون. أخذت انظف أوساخ غريبة عني... و أرتب أوراق حياتي المتناثرة بالقرب مني... و أردد عبارة بدرت مني"لماذا هذا الغباء... لماذا هذا العناء"، لماذا تصنع النوافذ في زمن ليس من الحكمة أن تفتح فيه النوافذ.
نوار يوسف ١٨ - ٤ - ٢٠١٠