بعدما قررت الذهاب للنوم ... بعد الساعة الثانية صباحا، أحسست برائحة ذكية، رائحة عطرة لذلك الغبار المتناثر عن وجه الكتب التي لطالما مسحتها بكفي في تلك المكتبة القديمة لذلك المالك القديم، ذلك الرجل الذي كان يوما واحد رجل مثقف يعرف كيف يستخدم ما اكتسبه من ثقافة و يخبرنا به، ذلك الرجل نفسه كان في أكثر الأيام يتكلم, يتكلم, يتوه و يضيع في عبارات ثقافيه لا يعرف كيف يستخدمها. الحقيقة ذلك التبدل و التناقض المضحك كان السبب الرئيسي الذي جعلني أنا و صديقي نتردد باستمرار إلى ذلك المكان. و من ثم نقضي الاسبوع باكمله ننتقده هو و ثقافته الغنيةو السيئة الالقاء. تلك المكتبة كان أهم مقصد لنا كل إسبوع، كنا نتردد إليها أسبوعان أو ثلاثة لكي نقرر أي الكتب أكثر متعة و فائدة، و من ثم تبدء اسابيع التردد (للمساومة) على سعر الكتاب لكي يتناسب مع ما في جيوبنا. لا أدري لماذا كنت انجذب من غير شعور إلى الكتب التي تراكم عليها الغبار، فكنت امسحها و أتصفحها كتاب بعد كتاب بسرعة و في النهاية كنت اشتري كتاب من كتب التاريخ، أما صديقي ذلك الشاب الذي كان يحاول أن يقوم بكل شيء، كان يذهب إلى تلك الناحية ذات الكتب الثورية النظيفة لكن المهترئة في اشكالها و تصميمها كانها من القرن الثامن عشر. لادري لما تذكرت هذه الذكريات المليئة برائحة الكتب و المطر و رائحة صديق كان يمشي معي في تلك الشوارع المبللة لتلك المدينة الصغيرة (طرطوس). ربما لاني أصبحت بحاجة الأن لكي اقرأ شيء ما من تلك المكتبة، ربما أصبحت ألان بحاجة ماسة إلى إنتقاء كتاب ما و أنظف وجهه بكفي مبعد الغبرة المثيرة عنه ثم أتصفحه قليلا و اشتريه، و اذهب إلى سريري لاكتب إسمي و التاريخ على الصفحة ألاولى و ابداء بذلك ملامسة صفحاته و قراءة فصل من تاريخ ما لاصنع به فصل من فصول (ذاتي التي خطفت مني) صديقي عندما تقرأ هذه الكلمات المبللة بالذكريات اتمنى إن استطعت, أن تشتري كتاب من تلك المكتبة و ترسله لي مع أحد ما لاسترجع قدرتي على التثقف, و قدرتي على الطفولة بعد أن فقدتها في هذه الغربة القاتلة.
هذه الكلمات لك و لذكريات غنية ... بالوطن و الانسانية.
نوار يوسف : ٢٩ - ٣ - ٢٠١٠